التعليق الأخير

العزيز الغالي شربل بعيني...
أجد التقديم جوهرة تزّين هذا العقد من الجمان الذي انت أهل له وأكثر.
أيّها الصديق الملهم المتكاثر في قلوب أحبّته وكل من يعرف معدنّه وجوهره النقيّ.
ما اشدّ هذا الصدّق والروّعة التي كتب بها الأخ د. على بزّي مقدّمته، شيء كالرّعدة اعترتني بعد قراءتها وكأّن هذه المراسلات في تقابلها وتقاطعها بعض من ردّ الاعتبار إلى أروع ما نثر الله في روح عباده، وهي فضيلة المحبّة والوفاء والتآخي.
إنّ هذه المراسلات النموذج لأفضل ردّ عميق مكثّف ملجم لبعض مقولات الاحباط واليأس، تلك التي ترى أنّ الإنسان انانيّ وشريّر بطبعه وهذا محرّك كلّ ما يأتيه من خير أو شرّ على السواء.
فما الذي يجمع بيني وبينك أيّها العزيز شربل بعيني، وبيننا وبين د. علي بزيّ، غير ملامح هذه الروح الطيّبة الزّكيّة التي تتوهّج أكثر بالتواضع، وتتجمّع بالانتشار، وتتسع بالتضييق على حب الذات، وتزهر بالقطف من اجل إسعاد الآخرين، وتسمو صوب سماوات الله المنزّه، بالحفر في ارضه، وغرس نبات طيّب كريم.
أليس هذا هوّ الله الذي ننشد منذ بداية الخلق في اشّد روعته وعظمته، وما كان اقربه، وبعضهم يضرب في الأرض بحثا عنه!.
بعد ذلك يسميه كلّ شعب باسماء مختلفة ويزيدون أو ينقصون في تفاصيل أثوابه وزينته كما يرونها، فهذا لا يبدّل في جوهره الأولّ الذي يجمع كلّ البشر. إنه ذروة اشراق كائناته حين تفيض به.
أولسنا أيضا من خيرة ما خلق، فكيف لا نكون من خيرة فيضه، ثمّ أليس الكتّاب والمبدعون خيرة هذا الخليط من الشرّ والخير والرّحمة والقسوة والنور والظلام؟ فكيف إذن لا تكون لهذه المراسلات تأثير بالغ على من يقرأها وفي قلبه بذرة من الصلاح والنقاء والصفاء والحكمة. وكيف لا يكون لها صدى ولو بعد حين، وهي نابعة من قلوب لا تبلى محبّتها، ولا تزيدها المسافة والغربة وبعد المكان وقسوته غير اشعاع وتوهّج. وكيف لا يكون كلّ ذاك كذلك وهي نصوص تغرف من عبارات صادقة نافذة إلى القلب والوجدان.
أجل يا عزيزي شربل بعيني.. أنا سعيد بهذه المقدّمة كثيرا وأسمح لي عبر هذا الردّ أن ارفع أسمى عبارات التقدير والمحبّة للاخ د. علي بزّي الذي قرأت مقدّمته عديد المرّات وكنت في كلّ مرّة أجاهد كي لا يفضحني بلل في عينيّ من التاثّر وروعة الصياغة ودرر العبارات المنتقاة بإلهام مبدع ونداء عميق لمسكون بالمحبة ومثقّل ببذور الخير والجمال في أنبل معانيه.
**