مراوح الهواء ونزق الكنغرو

العزيز الغالي شربل بعيني،
كيف حالك أيّها المبدع الدّونكيشوتي،
وكيف مراوح الهواء ونزق الكنغرو معك؟
أتابع أخبارك…
ولا أتردّد في التلصّص عليك بين الحين والحين.
مهتدياً بقِرى مجلة ليلى التي ألهتك عنّا…
كما كانت قد ضيّعتنا الدّروب من قبل، بين صباح يترنّح بما يسوق من بريد عجيب وما يتهاطل من أوراق المساء والأحاجي .
أعرف أنّك تهمّ بكل ما لديك وما كان عليك وما إليك حين يكون الجدّ…
وأعلم أنّ قدرك الصليب الثقيل، تتحمّله حبّاً وكرامة طالما كان في ذلك بعض العزاء لمن كاد يعصف به اليأس…
وأعرف أنّك تنزّ وتتفصّد آهاتٍ وحميةً وتعباً وإرهاقاً مرعباً أحيانا..
ولكن ها أنّك، كما وحقّ الله أعرفك، لا تأخذك القسمة عن أحبّتك أبداً..
ولا تترك للرّيح مضاربك الأولى…
وها أنت تعودنا وتعود إلينا حاملاً كلّ وزر هذا الطيب والمعتّق منها وإليها..
فسلام هيّ ملهمة…
وسلام العبارة تتكوّر منها بين يديك بقدرة..
وتعود الكلمة المارقة جاريّة الجلاّس والندماء..
وسلام، ترجعها العبارة راضيّة مرضيّة..
تضوع ببخور الفصول القديمة والمناديل المعقودة بالرّجاء..
وتعجّ بأصوات حيّة تصّاعد وتمور..
فكأنّما كلّ الدّنيا على قدم وساق ..
تشهد المساق..
وتهمل حيناً وحيناً تشتاق. وإذا هيّ الأحضان بعد الوحشة…
وإذا هيّ خمرة المشتاق وردّة العاق.
قرأت نصّك الشعريّ هذا - سلام عليها - فعدت منها وقد زاد شوقي وحنيني لبيت الجارة الأولى،
وإرضاء القصيدة التي لا تخون..
ولكنّها تتمنّع عن حقّ..
ومن غيرها يستحقّ هذا الحيّز الضّيق من العمر المولول المليء بالثقوب والأحاجي..
على ما فيه أيضا من وعود..
ومن ذنوب رائعة، علّنها العزاء..
نغفر بها كلّ ما يفوت ويموت من أماسي البرتقال أو صباحات التّوت. مكتظّا بكلّ هذا الذي قرأت..
قلت لا بأس..
أحيّيه تحيّة تليق بمقامه،
ثّم أعود للقصيدة أحتلب منها ما يشفي ويروي بعض ظمإ المسافر المغبرّ والمثقل بقشور العبارة العابرة بين توابيت الصمت الدّاكن وجعجعة الغابرة.
تحيّة أيّها الرّائع..
ولا تغب عن دروبك،
فكلّ ليلى ظالمة، وإن رحمت.
محبّة …يا كيف لها - حقّ الله - أن تبلى؟
**